أربع سنوات أو أكثر من المتابعة المستمرة والزيارات الدائمة لمستنقعات وبرك القصب المنتشرة في واحة الاحساء لم تشفع لراصديها من توثيق الطائر المتخفي والقليل المشاهدة الا مرات قليلة يمكن عدها على أصابع اليد الواحدة، آخرها في عام ٢٠١٦ م ليختفي هذا الطائر من جديد حتى صيف هذا العام ٢٠٢٠م لتتكرر المشاهدة مره اخرى ولكن بمفاجئة جديدة.

فالرصد لهذا العام كان ليؤكد ما لم يستطع احدٌ توثيقه من قبل، على الأقل في شرق الجزيرة العربية. وهو تأكيد لتفريخ هذا النوع من الطيور كما تنص المراجع العلمية في الساحل الشرقي من الجزيرة العربية بشكل عام وفي واحة الاحساء بشكل خاص.

ينتمي طائر مرعة الماء الى جنس Rallus   الذي يضم ثلاثة أنواع في العالم القديم فقط، تنتشر افرادها في أوروبا واسيا وأجزاء بسيطة من شرق افريقيا. وهذه الأنواع مختلفة كلياً عن الانواع الكثيرة والمنتشرة في الامريكيتين والتي تنتمي لنفس الجنس.

يعتبر هذا النوع من الانواع الخجولة جداً عالمياً والصعب مشاهدتها طوال العام نظراً لطبيعة معيشتها التي تتلخص بالعيش بين احواض المياه الداخلية المحاطة بالقصب والنباتات. فمنذ فقسها وحتى موتها لا تغادر هذه الطيور اعواد القصب وحواف البرك العذبة الا نادراً، وتشير الأبحاث القليلة جداً عنها انها تصنع اعشاشها بمستوى اعلى بقليل من سطح ماء الحوض، وتتغذى على الحشرات واليرقات وصغار الأسماك وبعض النباتات المتوفرة حسب الموسم، بالإضافة الى ذلك فهي من الطيور التي تظل في ذات المنطقة المناسبة من حيث توفر الامن والغذاء لفترات طويلة جداً وتدافع عن منطقتها بشكل كبير ضد منافسيها واعدائها من الحيوانات.

ولم يكن خجلها ومعيشتها المتخفية الدائمة هي فقط ما حال بينها وبين الراصدين، فبالرغم من تواجدها في المنطقة بشكل دائم وتصنيفها من الطيور المقيمة طوال العام من السنة، فهي حذرة جداً وسريعة الحركة بين اعواد القصب الكثيفة وأفرع الشجيرات المتلاصقة، بالإضافة إلى أنها ذات جسم رشيق ولها ألوان مشابه للبيئة التي تعيش فيها، كما ان حاسة سمعها قوية جداً مما يساعدها على الاختباء قبل وصول الخطر فيجعل من رؤيتها امراً صعباً جداً.

بالإضافة الى ذلك فهي ذات حجم صغير فلا يتجاوز البالغ منها ٣٠ سم. جذعها مسطح الجانبين وسيقانها رشيقة ذات أصابع طويلة وذيلها منتصب قصير، واما منقارها فهو ممتد يكون أحمر اللون في الطيور البالغة، ورمادي شاحب فيما دون ذلك، يصعب التمييز بين الذكر والانثى بالشكل الظاهري فقط، ويمكن التمييز بين الطيور البالغة والتي هي دون البلوغ عن طريق لون المنقار وغياب لون الريش المزرق في الوجه والصدر واستبداله بالبرتقالي والبني الشاحب. واما الفراخ الصغيرة فهي سوداء اللون وذات ريش ناعم، تغادر العش فور فقسها، ترافق والديها بين اعواد القصب فتتغذى وتتعلم. وتتخلص من ريشها الأسود الناعم في الأسبوع الثاني من خروجها من العش.

---

تفاصيل المفاجئة الجديدة :

في صباح يوم ٤ يوليو من عام ٢٠٢٠م تمكن الاخوة الراصدين أعضاء مجموعة رصد وحماية الطيور جاسم الجاسم وحسين الصالان من توثيق مجموعة مكونه مما يقارب من ١٠ افراد من طيور مرعة الماء في احدى برك القصب في بحيرة الأصفر بمدينة الاحساء.

حيث لاحظ الراصدين وجود مجموعة من طيور الخرشنة تتغذى في المكان فما كان منهم الا الانتظار في محاولة لتوثيق ومراقبة سلوك التغذية، لتظهر افراد هذه الاسرة من بين أعواد القصب متنقلة الى الضفة المقابلة من البركة بشكل تدريجي امامهم وهي تبحث عن الغذاء.

حيث لوحظ بأن الطيور البالغة بدأت بالخروج اولاً وبعد الاطمئنان من عدم وجود أي مهدد بدأت بالبحث عن الغذاء في أطراف البركة اولاً، وبعد توسطها قامت بالنداء على الصغار فما لبثت أن خرجت من أماكن متفرقه من بين القصب وبدأت بالتغذية معها.

كانت حركة الطيور سريعة جداً بين اعواد القصب وفي حوض المستنقع وبذات الوقت كانت هادئة جداً بدرجة انها ما تلبث ان تظهر في مكان حتى تختفي منه بلمح البصر، كانت اعمار الصغار متفاوتة فمنها ما هو دون البالغ ومنها مالم يتجاوز الأسبوعين على أكثر تقدير ومنها ما هو أصغر من ذلك بكثير.

وبالرغم من تكرر الزيارات للمكان واتباع أساليب التخفي والاختباء الا ان الراصدين لم يوفقوا في توثيق طيور هذه الاسرة بالشكل المطلوب حتى تاريخ اعداد هذا التقرير. فهي تظل من الطيور الخجولة والحذرة والتي يحق ان يطلق عليها اسم المتخفية الصغيرة.

---

• 

• 

• 

• 

• 

• 

• 

• 

---