تفريخ القبرة المغردة

 ما إن تهب رياح الخريف على محافظة ظفار في شهر يونيو من كل عام وتكتسي سهولها وجبالها بالخضرة، ويغشي أجواءها الضباب ، حتى يُطرب أسماع المتنزهين في الطبيعة الخلابة تغريدٌ جميل ، لطائر لا يشاهد بكثرة إلا في موسم الخريف ولا ينتشر في شبه الجزيرة العربية  إلا في بقعة جغرافية بسيطة تمتد ساحلياً من الحدود اليمنية العمانية غرباً وحتى ولاية مرباط العمانية شرقاً ، ومن الحدود اليمنية السعودية جنوباً وحتى مشارف مدينة أبها السعودية شمالاً .

  تعد القبرة المغردة Singing Bush Lark (Mirafra cantillans) إحدى أشهر القبرات Larks المقيمة في عُمان بعد القبرة المتوجة Crested Lark  نظراً لانتشارها الكبير جداً في موسم الخريف في أغلب مناطق محافظة ظفار . حيث تُشاهد الكثير من أعدادها وهي تتنقل بين الشجيرات وتبحث عن الغذاء ، وحتى وإن حال الضباب دون مشاهدتها يمكن أن يُتعرف عليها  بطريقة غنائها المميزة من الكثير من القبرات التي تتواجد في المكان .

وبالرغم من تكاثر القبرة المغردة في عُمان وهذا ما يمكن للمتتبع الوصول له عن طريق المراجع العلمية والملاحظة الدقيقة لصور الراصدين لصغار هذا الطائر بعد خروجها من العش وتنقلها بين الشجيرات ، إلا أن عملية تتبع بناء العش واكتشاف مكانه ومعرفه مدة حضانة البيض لايزال  من الأمور الصعبة جداً على الراصدين والمتتبعين للحياة البرية رغم معرفتهم بموعد التفريخ التقريبي والذي يبتدأ من منتصف شهر يونيو تقريباً ويستمر حتى نهاية شهر يوليو ، والسبب يعود في ذلك لعدة أمور مهمة منها وعورة الأماكن التي يفرخ فيها وصعوبة مشاهدة العش الذي يبنى وسط الأعشاب الغليظة والمتشابكة ، بالإضافة الى أسلوب حماية العش الذي يتخذه الأبوين في تظليل المفترسات ، حيث يعمدان للنزول بالغذاء في منطقهً بعيدة عن العش ويختبئان في الأعشاب حتى يصلا إلى العش المخفي ، وليعاودا الكره أثناء المغادرة ، مما يجعل من اكتشاف العش أمراً صعباً جداً .

وفي هذا العام 2020 م تمكن عضو المجموعة الراصد محمد البحر الرواس وبمساعدة زملائه ( هيثم الشنفري – صلاح الرواس – هيثم باعمر )  من اكتشاف أحد الاعشاش للقبرة المغردة بعد تتبع الأبوين لأيام ، كانت فيهما المراقبة شبه دائمة لمكان التفريخ وبأكثر من زاوية ، حتى تمكن الإخوة  في اليوم الاول من شهر يوليو من تحديد مكان العش ومشاهدة ٣ من الصغار التي تقدر أعمارها ب ٥ -٧ أيام من بعد الفقس ، وقد كساها بعض الريش .

ونظراً لصعوبة الوصول للمكان والاستدلال عليه مره أخرى لجئ الاخوة لتجهيز زاوية مناسبة لمراقبة سلوك الطائر في إطعام الصغار والعناية بهم عن بعد ، كل ذلك  قبل أن يغادر الصغار العش وهو سلوك مشهور في صغار أنواع القبرات الأخرى وفي بعض أنواع الطيور .

إلا أن اكتشاف مكان العش المتأخر لم يترك لهم فرصة في توثيق الكثير من السلوكيات ، حيث غادر الصغار العش بعد يومين من اكتشافه .

بهذا يعتبر هذا التوثيق البسيط أحد الشواهد العلمية على أهمية اشتغال الإخوة الراصدين  في وطننا العربي بكشف أسرار عالم الطيور الكثيرة .

Share on facebook
Share on google
Share on twitter
Share on linkedin
Share on pinterest
Share on print
Share on email

This Post Has 6 Comments

  1. حسين جاسم الجاسم

    ما شاء الله جهد مميز

    1. حمد خليفه

      ماشالله عمل رائع ومميز

  2. سلمى العبيدي

    ماشاء الله 👌، رائع

  3. باسل بوحمد

    كفووووو والله

  4. محمود البصاره

    عفية ابو خالد مجهود كبير منكم 🌹🌹🌹

  5. مهدي الصغير

    يسلموووو حبايب على التقرير الجميل.

اترك تعليقاً